المناسبة :
مناسبة الآية واضحة بالنسبة لما قبلها ، فإنه تعالى أمر بتدبر القرآن ووعيه والتثبت من فهمه ، وذلك مدعاة للتعلم بضرورة التثبت في كل شؤون الحياة ، كنقل الأخبار وغيرها.
التفسير والبيان :
هذا إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها ، فيخبر بها ويفشيها وينشرها ، وقد لا تكون صحيحة. روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع». وفي الصحيح : «من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين» وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «نهى عن قيل وقال» أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس ، من غير تثبت ، ولا تدبر ، ولا تبين. وفي سنن أبي داود : «بئس مطية الرجل : زعموا».
معنى الآية : قد يبلغ الخبر عن أحوال الأمن (السلم) والخوف (الحرب) من مصادر غير موثوقة إلى الجهلة أو المنافقين أو ضعفة المسلمين الذين لا خبرة لهم بالقضايا العامة ، فيبادرون إلى إذاعته ونشره وترويجه بين الناس ، وهذا أمر منكر يضر بالمصلحة العامة.
لذا يجب أن يترك الحديث في الشؤون العامة الى قائد المسلمين وهو الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أو إلى أولي الأمر وهم أهل الرأي والحل والعقد ورجال الشورى في الأمة ، فهم أولى الناس وأدراهم بالكلام فيها ، فهم الذين يتمكنون من استنباط الأخبار الصحيحة ، واستخراج ما يلزم تدبيره وقوله بفطنتهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها.
أما التحدث بكل ما نسمع ، ونقل الأخبار من غير تثبت ، ففيه ضرر واضح