بالدولة ، لذا فإن كل الدول المعاصرة تفرض رقابة على الأخبار في الصحف والإذاعة وغيرها ، حتى لا تشوه المواقف وتستغل عقول الناس ، سواء في السلم أو في الحرب.
ثم امتنّ الله تعالى على صادقي الإيمان فعصمهم من الانزلاق في تلك التيارات ، فذكر : ولو لا فضل الله عليكم ورحمته بكم إذ هداكم ووفقكم لطاعة الله والرسول ، وأرشدكم إلى الرجوع إلى المصدر العلمي الصحيح وهو الرسول وأولو الأمر من الأمة ، لاتبعتم وساوس الشيطان ، أو لبقيتم على الكفر ـ كما قال الزمخشري ـ إلا قليلا منكم ، أو إلا اتباعا قليلا. وهي نظير قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [النور ٢٤ / ٢١].
فقه الحياة أو الأحكام :
وجّهت الآية النصائح والإرشادات التالية :
١ ـ وجوب التثبت من الأخبار قبل روايتها وحكايتها ، وضرورة الرقابة العامة على الأخبار المعلنة ، حفاظا على أسرار الأمة ووحدتها ، والعمل على إبقائها قوية متماسكة متعاضدة ، لا تتأثر بالدعايات الكاذبة والإشاعات المغرضة.
٢ ـ أهل العلم والخبرة والقادة هم أولى الناس بالتحدث عن القضايا أو الشؤون العامة ، وهم أيضا أهل الاجتهاد في الدين.
٣ ـ الانزلاق في وساوس الشيطان كثير شائع لو لا فضل الله ورحمته.
٤ ـ قال الجصاص الرازي : في الآية دلالة على وجوب القول بالقياس واجتهاد الرأي في أحكام الحوادث ؛ وذلك لأنه أمر برد الحوادث إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم في حياته إذا كانوا بحضرته ، وإلى العلماء بعد وفاته والغيبة عن حضرته صلىاللهعليهوسلم. وهذا لا محالة فيما لا نص فيه ؛ لأن المنصوص عليه لا يحتاج إلى استنباطه ، فثبت