شوكة الإسلام ، وبقبول توبة المتسرع في القتل ، فحلف أسامة لا يقتل رجلا يقول : لا إله إلا الله ، بعد ذلك الرجل. قال الزمخشري في تفسير (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) : أول ما دخلتم في الإسلام ، سمعت من أفواهكم كلمة الشهادة ، فحصنت دماءكم وأموالكم ، من غير انتظار الاطّلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم (١).
ثم أكّد الله تعالى وجوب التّبيّن ، فأمر أن يكونوا على بيّنة من الأمر الذي يقدمون عليه بأدلّة ظاهرة وقرائن كافية ، وألا يأخذوا بالظن السريع ، وإنما عليهم التدبّر ، حتى يظهر الأمر ، فإن الحكم بالإيمان يكفي فيه مجرد ظاهر الحال ، أما القتل فلا بدّ فيه من غلبة الظّنّ الراجح على البقاء على حال الكفر ، وعليكم أن تفعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل بكم ، وأن تعتبروا ظاهر الإسلام في الكفّ عن القتل والقتال.
إن الله تعالى خبير بأعمالكم ، مطّلع على أحوالكم ، ونيّاتكم ومقاصدكم ، وسيجازيكم عليها ، وهذا تهديد ووعيد وتحذير من تكرار التّورّط في مثل هذا الخطأ ، فلا تتهافتوا في القتل ، وكونوا محترزين محتاطين في ذلك.
فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع الآية محصور في ضرورة التّثبّت في الأحكام وعدم التّسرّع في أمر القتل ، لخطورته ، وأنه يكتفى في الحكم على الشخص بالإسلام بالنّطق بالشهادتين في الظاهر ، دون حاجة للكشف عما في القلب واستبطان الحقيقة والواقع ، فذلك ليس من شأن البشر ، وإنما أمر القلوب متروك لعلّام الغيوب ، وهذا مناسب للرّواية التالية :
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤١٨