المناسبة :
الآيات السابقة في بيان كيفية الصلاة في أثناء المعركة ، وقد نبهت إلى شدة عداوة الكفار وانتظار هم الفرصة المواتية لضرب المسلمين ، ونبهت أيضا إلى ما يجب أن يكون عليه المؤمنون من أخذ الحذر أثناء الصلاة.
وهنا ينهى الله تعالى عن الضعف في القتال ؛ لأن الألم في الحروب وإن كان مشتركا بين الفريقين ، فإن المؤمن يمتاز بما له من الرجاء عند ربه ، بأنه ينتظر إحدى الحسنيين : إما النصر وإما الجنة والثواب ، فهذه الآية عود إلى بعث المؤمنين وحثهم على القتال بأسلوب إقناعي مستمد من الواقع.
التفسير والبيان :
ولا تضعفوا في قتال الأعداء ولا تتواكلوا ، واستعدوا لقتالهم دائما بعد الفراغ من الصلاة ، ولا تترددوا في خوض المعارك الفاصلة مع الأعداء بحجة ما يصيبكم من آلام القتل والجرح ، فذلك أمر مشترك بين كل فريقين متحاربين ؛ لأنهم بشر مثلكم يتألمون ويصبرون ، فما لكم لا تصبرون وأنتم أولى بالصبر؟!
والحقيقة أنه لا يوجد لقتالهم هدف مقبول ؛ لأنهم على الباطل ، والباطل في النهاية زائل ، وأنتم على حق ، ولم يعدهم الله بالنصر كما وعدكم ، وليس لهم ثواب ولا ثمرة عائدة إليهم من قتالهم والله ضمن لكم الجنة ، وليس عندهم ملجأ يستمدون منه النصر إلا الأصنام وهي لا تضر ولا تنفع ، وأنتم بعبادتكم الله وحده تلجؤون إليه في طلب النصر والرحمة ، وهو الذي بيده مفاتيح السموات والأرض ، وبقدرته ومشيئته يتحقق النصر.
وإنكم ترجون من الله ما لا يرجون من ظهور الدين الحق على سائر الأديان الباطلة ، ومن الثواب الجزيل ونعيم الجنة.