التفسير والبيان :
لا خير في كثير من كلام الناس وتناجيهم كجماعة طعمة إلا إذا كان التناجي في أحد أمور ثلاث :
١ ـ الأمر بالصدقة لإعانة المحتاج ومواساة الفقير والمسكين.
٢ ـ الأمر بالمعروف : وهو ما تعارف عليه الشرع من كل ما فيه مصلحة عامة أو خير عام.
٣ ـ الإصلاح بين الناس في خصوماتهم ومنازعاتهم.
وذلك كما جاء في حديث رواه ابن مردويه والترمذي وابن ماجه عن أم حبيبة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلام ابن آدم كله عليه ، لا له ، إلا ذكر الله عزوجل ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر» وروى الإمام أحمد عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، فينمي خيرا ؛ أو يقول خيرا» وقالت : لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها». وروى أحمد عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين» وروى أبو بكر البزار والبيهقي عن أنس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأبي أيوب : «ألا أدلك على تجارة؟» قال : بلى يا رسول الله ، قال : «تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقارب بينهم إذا تباعدوا».
وإنما قال : (فِي كَثِيرٍ) لأن من النجوى ما يكون في المباحات والمصالح الخاصة من زراعة وتجارة وصناعة وغيرها ، فلا توصف بالشر ، ولا هي مقصودة من الخير. وإنما المراد بالنجوى الكثير المنفي عنها صفة الخير هي النجوى في شؤون الناس.