وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أي باطلا يغترون به ، فيزين لهم النفع في بعض الأشياء كالزنى والقمار وشرب الخمر ، وهي مشتملة على كثير من المضار والشرور والآلام ، كما قال تعالى مخبرا عن إبليس يوم القيامة : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ : إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ، وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) [إبراهيم ١٤ / ٢٢].
أولئك المستحسنون لما وعدهم الشيطان ومنّاهم مصيرهم ومآلهم جهنم يوم القيامة ، ولا يجدون عنها مهربا يفرون إليه ، أي ليس لهم مندوحة ولا مصرف ، ولا خلاص ، ولا مناص ، يتهافتون فيها تهافت الفراش على النار.
ثم ذكر الله تعالى حال السعداء والأتقياء وما لهم من الكرامة التامة فقال : والذين آمنوا : صدقوا بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ورضوا بقضائه ، وعملوا الصالحات ، أي الأعمال الطيبة وما أمروا به من الخيرات ، وتركوا ما نهوا عنه من المنكرات ، سيدخلهم الله جنات تجري من تحتها الأنهار بما اشتملت عليه من ألوان النعيم المقيم ، ويصرفونها حيث شاءوا وأين شاءوا ، وهم ماكثون مقيمون فيها على الدوام ، بلا زوال ولا انتقال ، وذلك هو الفوز العظيم الأسمى الذي تطمح إليه النفوس.
وهو وعد حق لا شك فيه ، أي هذا وعد من الله ، ووعد الله واقع لا محالة ، ولهذا أكده بالمصدر الدال على تحقيق الخبر ، وهو قوله «حقا» فهو القادر على كل شيء ، وهو الواسع الكرم والرحمة والفضل ، وأما وعد الشيطان فهو غرور من القول وزور.
ثم قال الله تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) أي لا أحد أصدق منه قولا ، أي خبرا ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول في خطبته فيما رواه الترمذي وغيره : «إن أصدق