وروى سعيد بن منصور وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال : لما نزلت : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) شق ذلك على المسلمين ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سددوا وقاربوا ، فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة ، حتى الشوكة يشاكها ، والنكبة ينكبها».
هذا الحديث وأمثاله يدل على أن الأمراض والبلايا والمصائب في الدنيا ، وهمومها ومخاوفها ، يكفر الله بها الخطايا.
ومن يعمل السوء لا يجد له غير الله وليا يتولى أمره ويدفع الجزاء عنه ، ولا نصيرا ينصره وينقذه مما يحلّ به ، وإنما المدار على الإيمان والأعمال ، لا على الأماني والأحلام.
وفي مقابل ذلك ومن أجل المقارنة والعدل : من يعمل صالحا يصلح به نفسه ، سواء كان العامل ذكرا أو أنثى ، وهو صادق الإيمان ، فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر ، يدخلون الجنة ، ولا يظلمون شيئا من أجور الأعمال ، ولو كان العمل تافها قليلا جدا كالنقير.
فسبيل الجنة والسعادة هو العمل الصالح مع الإيمان ، وطريق النار هو العمل السيء ، ولا ينفع الافتخار بالانتساب إلى ملة أو فئة أو نبي ، من غير اتباع لشرع الله ودينه.
ثم أردف الله تعالى بذكر درجات الكمال فقال : لا أحد أحسن دينا ممن أسلم قلبه مخلصا لله وحده ، ولم يتجه إلى غيره في دعاء ولا رجاء ، وجعل نفسه سالمة لله لا تعرف لها ربا ولا معبودا سواه ، وقد عبر عن توجه القلب والقصد بإسلام الوجه ؛ لأن الوجه مرآة لما في القلب ، وهو مع هذا الإخلاص القلبي والإيمان الذاتي الكامل ، محسن للعمل أي عامل للحسنات ، تارك للسيئات ، متصف بفضائل الأخلاق والخصال ، ومتبع ملة إبراهيم في حنيفيته بالميل عن الشرك