سبحانه : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذّاريات ٥١ / ٥٧ ـ ٥٨].
ثمّ كرر القول للتأكيد : ولله ما في السموات وما في الأرض خلقا وملكا يتصرّف فيهما كيف شاء إيجادا وإعداما ، إحياء وإماتة ، وكفى بالله وكيلا ، أي قيّما وحافظا وكفيلا لأمور العباد في أرزاقهم وسائر شؤونهم.
قال الزمخشري : تكرير قوله : ما في السموات وما في الأرض : تقرير لما هو موجب تقواه ، ليتّقوه فيطيعوه ولا يعصوه ؛ لأن الخشية والتّقوى أصل الخير كله (١).
ثم هدّد تهديدا عامّا صريحا فقال :
إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ، أي إن يرد إفناءكم وإيجاد قوم آخرين بدلا عنكم ، فهو قادر على ذلك ؛ لأن كل شيء في السموات والأرض تحت قبضته وخاضع لسلطانه ، وكان الله على ذلك من الإعدام والإيجاد بليغ القدرة ، لا يمتنع عليه شيء أراده.
وهذا غضب على المشركين الذين كانوا يؤذون النّبي صلىاللهعليهوسلم ويقاومون دعوته ، وتخويف وبيان لاقتداره على الإذهاب والتّبديل إذا عصيتموه ، كما قال : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ، ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٣٨] ، قال بعض السّلف : ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. وقال تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ، وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) [إبراهيم ١٤ / ١٩ ـ ٢٠] أي وما هو عليه بممتنع.
ثم قال تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا ...) أي من كان بسعيه وعمله
__________________
(١) المرجع السابق : ص ٤٢٩