يظنون أن أمرهم كما راج عند الناس ، وجرت عليهم أحكام الشريعة ظاهرا ، فكذلك يكون حكمهم عند الله يوم القيامة ، وأن أمرهم يروج عنده ، كما أخبر تعالى عنهم أنهم يوم القيامة يحلفون له أنهم كانوا على الاستقامة والسداد ، ويعتقدون أن ذلك نافع لهم عنده كما قال تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) الآية [المجادلة ٥٨ / ١٨].
(وَهُوَ خادِعُهُمْ) أي مجازيهم على خداعهم ، وسمي ذلك مخادعة مشاكلة للفظ الأول ، مثل (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) [الأنفال ٨ / ٣٠]. أو وهو فاعل بهم ما يفعل الغالب في الخداع ، حيث تركهم تطبق عليهم أحكام الشريعة في الظاهر ، معصومي الدماء والأموال في الدنيا ، وأعد لهم الدرك الأسفل من النار في الآخرة ، ولم يخلهم في الدنيا العاجلة من فضيحة وإحلال بأس ونقمة ورعب دائم. وقد يخذلهم في الآخرة أمام الناس ، فيعطون على الصراط نورا ، كما يعطى المؤمنون ، ثم يطفأ نورهم ، كما قال تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا : انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ـ إلى قوله ـ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [الحديد ٥٧ / ١٣ ـ ١٥].
وفي الحديث الذي رواه أحمد ومسلم عن ابن عباس : «من سمّع سمّع الله به ، ومن رأيا رأيا الله به» قال ابن عباس : خداعه تعالى لهم أن يعطيهم نورا يوم القيامة يمشون به مع المسلمين ، فإذا وصلوا إلى الصراط انطفأ نورهم ، وبقوا في ظلمة ، ودليله قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ، فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ، ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ، وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) [البقرة ٢ / ١٧].
(وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) أي متباطئين متثاقلين ؛ إذ لا إيمان يدفعهم إليها ، ولا نية لهم فيها ، ولا يعقلون معناها. هذه صفة ظواهرهم.
ثم ذكر الله تعالى صفة بواطنهم الفاسدة ، فقال : (يُراؤُنَ النَّاسَ) بها ،