أي لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله ، بل إنما يريدون أن يراهم الناس تقية لهم ومصانعة ، ويقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة ، ولهذا يتخلفون كثيرا عن الصلاة التي لا يرون فيها غالبا كصلاة العشاء وصلاة الصبح ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أثقل الصلاة على المنافقين : صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ..» الحديث.
(وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) أي في صلاتهم لا يخشون ، ولا يدرون ما يقولون ، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون ، وإنهم في الواقع لا يصلون إلا قليلا ، فإذا لم يرهم أحد لم يصلوا.
وهم أيضا مذبذبون مضطربون متحيرون بين الإيمان والكفر ، فليسوا مع المؤمنين حقيقة ، ولا مع الكافرين حقيقة ، بل ظواهرهم مع المؤمنين ، وبواطنهم مع الكافرين ، ومنهم من يعصف به الشك ، فتارة يميل إلى المؤمنين ، وتارة يميل إلى الكافرين كاليهود ، كما قال تعالى في أول سورة البقرة : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ ، وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) الآية [٢٠] فإذا ظهرت الغلبة لأحدهما ادعوا أنهم منه.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) أي ومن صرفه عن طريق الهدى ، بسبب أعماله ومواقفه وأخلاقه ، فلن تجد له سبيلا (طريقا) إلى الخير والسداد يسلكه.
ثم حذّر الله المؤمنين أن يفعلوا فعل المنافقين وأن يوالوا الكافرين ، فقال : يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ، لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، أي لا تتخذوهم نصراء وأعوانا تصاحبونهم وتصافونهم ، وتناصحونهم وتصادقونهم ، وتسرون إليهم المودة ، وتفشون أحوال المؤمنين الباطنة إليهم ، كما قال تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ