مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران ٣ / ٢٨] أي يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه ، وقال أيضا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [المائدة ٥ / ٥١].
أما تولي الذميين الوظائف العامة في الدولة الإسلامية ، فليس بمحظور ، فإنهم اشتغلوا في عصر الصحابة في الدواوين ، وكان أبو إسحاق الصابي وزيرا في الدولة العباسية.
(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) أي أتريدون أن تجعلوا لله على أعمالكم حجة بينة في استحقاق العقاب إذا اتخذتموهم أولياء ، يعني أن موالاة الكافرين دليل على النفاق ، ولا يصدر هذا إلا من منافق.
ثم ذكر الله تعالى عقوبة المنافقين الشهيرة : وهي (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) أي إن مكانهم في الطبقة السفلى من النار ، والنار سبع دركات ، سميت بذلك لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض. قال المفسرون : النار سبع دركات : أولها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية ، وقد يسمى بعضها باسم بعض. وأما الجنة فهي درجات ، بعضها أعلى من بعض.
والسبب في أن عذاب المنافق أشد من عذاب الكافر : هو أنه مثله في الكفر ، وضم إلى كفره الاستهزاء بالإسلام وأهله.
وهذا العذاب لن يجدوا أحدا ينقذهم منه أو يخففه عنهم : (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً).
ثم ذكر الله تعالى طريق الإصلاح وهو فتح باب التوبة عن النفاق ، وشرط الله تعالى لقبول توبة المنافقين توبة صحيحة أربعة شروط في قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا ، وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ ، وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) ، وتلك الشروط هي