الندم على الفعل السابق ، والإصلاح أي الاجتهاد في فعل الأعمال الصالحة التي تغسل أدران النفاق ، والاعتصام بالله أي الثقة به والتمسك بكتابه والاهتداء بهدي نبيه المصطفى ، وبقصد مرضاة الله ، كما قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ ، فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) [النساء ٤ / ١٧٥] والإخلاص لله بأن يدعوه العباد وحده ، ويتجهوا إليه اتجاها خالصا ، لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه ، ولا يلجأون إلى أحد سواه لكشف ضر أو جلب نفع ، كما قال تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة ١ / ٥].
هذه شروط قبول توبة المنافق ، أما الكافر فشرط توبته فقط هو الانتهاء عن الكفر كما قال تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال ٨ / ٣٨]. والمنافق : هو من أظهر الإيمان وأبطن الكفر. والكافر : من أعلن الكفر صراحة.
أولئك التائبون هم مع المؤمنين أي أصحاب المؤمنين ورفقاؤهم في الدارين ، وفي زمرتهم يوم القيامة.
وسوف يعطي الله المؤمنين أجرا عظيما لا يعرف قدره ، فيشاركونهم فيه كما قال تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ، جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة ٣٢ / ١٧].
ثم بين الله تعالى سبب تعذيبهم وهو كفرهم بأنعم الله فقال مستفهما استفهاما إنكاريا : ما ذا يريد الله بعذابكم أيها الناس؟ إنه يعذبكم لا من أجل الانتقام والثأر ، ولا من أجل دفع ضر وجلب خير ؛ لأن الله غني عن كل الناس ، وهو الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك ، ولكنه أيضا عادل حكيم ، لا يسوي بين الصالح والطالح ، فالكافر والمنافق والعاصي لم يشكروا الله تعالى على نعمه ، ولم يؤدوا واجبهم في الإيمان الحق بالله تعالى ، ولم يصرفوا نعم الله في الخير. ولو