وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حديث الشفاعة الطويل ، وفيه : «فيقول الله عزوجل : ارجعوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فأخرجوه من النار» وفي لفظ : «أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ، فأخرجوه من النار» فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يقول أبو سعيد : اقرءوا إن شئتم : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ...) الآية.
ومعنى الآية : أنه تعالى لا ينقص أحدا من أجر عمله شيئا مهما قل ، ولا يعاقب أحدا على شيء مهما كان بغير حق ؛ لأن الظلم نقص ، والله تعالى متصف بكل كمال ، منزّه عن كل نقص.
فمن اقترف سيئة بعد أن زوده الله بالعقل والتقدير والميزان ، كان هو الظالم لنفسه : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت ٤١ / ٤٦].
ومع أنه تعالى لا ينقص أحدا من أجر عمله ولو مثقال ذرة ، يضاعف ثواب الحسنة إلى عشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة ، أما السيئة فلا تضاعف ، ويجزى بمثلها فقط ، كما في آية أخرى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الأنعام ٦ / ١٦٠].
(وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) أي إنه تعالى لا يكتفي بمضاعفة حسنات المحسن ، بل يعطيه أجرا من غير مقابل له من الأعمال ، فهو واسع الفضل كثير الإحسان. والأجر العظيم : الجنة ، نسأل الله الرضا والجنة.
وإذا كان هذا هو نظام الثواب ، فيتعجب الخالق من بعض الناس قائلا : فكيف يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم إذا جئنا من كل أمة بشاهد يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم ، كقوله تعالى : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) [المائدة ٥ / ١١٧]. وجئنا بك يا محمد على هؤلاء المكذبين شهيدا. عن ابن