عنك ما تقول ، لكان ذلك خيرا لهم وأصوب مما قالوه ، لما فيه من الفائدة والأدب.
ثم بيّن الله تعالى عاقبة تصرفاتهم النابية وهو الطرد من رحمة الله وعدم التوفيق للخير أبدا ، فذكر أنه تعالى لعنهم وخذلهم بسبب كفرهم ، والكفر يمنع عادة من التفكر والأدب في الخطاب ، وهم لا يؤمنون إلا إيمانا قليلا لا يؤبه به ، وقلوبهم مطرودة عن الخير ، مبعدة عنه ، فلا يدخلها من الإيمان شيء نافع لهم ، وإذا لم يكن هناك إيمان ، لم يبق أمل في صلاح عمل ، ولا رقي عقل ، ولا طهارة نفس.
فقه الحياة أو الأحكام :
الآيات تعجب وتوبيخ وتقريع ليهود المدينة وما والاها ، ولكل من سلك سلوكهم ، وسار على منهجهم ، وسبب ذلك تصرفاتهم الشائنة ، ومواقفهم المستهجنة التي جمعت ألوانا من الجرائم والمنكرات.
فهم اشتروا الضلالة بالهدى ، وأرادوا إضلال المسلمين عن طريق الحق والمنهج القويم ، وأعلنوا عداوتهم للإسلام والمسلمين ، فلا تستصحبوهم فإنهم الأعداء الألداء.
وهم يحرفون الكلام الإلهي عن مواضعه الصحيحة ، ويؤولونه تأويلا باطلا ، أو يخلطونه بكتابات البشر المغلوطة أو المشوهة أو المنفرة ، فإن توراتهم الحالية تمس سمو الذات الإلهية ، وتشوه سمعة أنبيائهم وتطعن فيهم ، وهي مشحونة بالأحقاد والبغضاء على الشعوب الأخرى غير اليهودية ، وتدعو إلى تدمير المدن وتخريب الحضارة وإتلاف الثروات الحيوانية والزراعية والصناعية.
ويعلنون وقاحتهم في خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم وحب الاستهزاء والسخرية منه ، فيقولون : «سمعنا قولك وعصينا أمرك» ، واسمع لا سمعت ، وهم يظهرون أنهم