وظاهر الآية يدل على أن الجزاء من جنس العمل ، ويوجب العمل ؛ لأن ذلك الجزاء عند أهل السنة واجب بحكم الوعد المحض ، وعند المعتزلة فلأن العمل الصالح يوجب استحقاق الثواب على الله تعالى.
والآية تدل أيضا على كون العبد مكتسبا للخير والشر ، خلافا للجبرية.
وبالرغم من جواب الله تعالى بما ذكر عن سؤال الكفار : (مَتى هذَا الْوَعْدُ؟) فإنه أخبر سبحانه أنهم رجعوا إلى الرسول مرة أخرى ، وسألوه مرة أخرى ، عن ذلك السؤال ، فقال : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ).
أي ويستخبرونك أيها الرسول أن تخبرهم عن عذاب الدنيا والآخرة أحق أنه سيقع على ما نكسبه من المعاصي في الدنيا ، أم هو مجرد إرهاب وتخويف؟.
وتكرار السؤال دليل على أن القوم تملّكهم إحساس شديد بالقلق والخوف من العذاب ، كأنهم لم يكونوا على يقين من تكذيبهم.
فقل لهم أيها الرسول : نعم وربي ، إنه لحق ثابت واقع ماله من دافع ، وما أنتم بمعجزين أي بفائتين العذاب ، وليس صيرورتكم ترابا بمعجز الله عن إعادتكم كما بدأكم من العدم : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) [يس ٣٦ / ٨٢].
وليس لهذه الآية نظير في القرآن إلا آيتان أخريان ، يأمر الله تعالى رسوله أن يقسم به على من أنكر المعاد ، وهما في سورة سبأ : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ، قُلْ : بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) [٣] وفي التغابن : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ، قُلْ : بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ، ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ ، وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) [٧].
ثم أخبر الله تعالى عن بعض مضايقات وأهوال القيامة فقال : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِ