المناسبة :
هذا هو الفصل الثاني من قصة موسى مع فرعون ، فإن فرعون أراد الاستعانة بالسّحرة لمعارضة معجزة موسى ومقاومة دعوته ، فأمر بإحضار حذاق السّحرة ليظهر للناس أن ما أتى به موسى نوع من السّحر ، فيصد الناس عن اتّباعه ، باعتبار أنه ساحر.
التفسير والبيان :
هذا هو الفصل الثاني من قصة موسى عليهالسلام حيث استعان فرعون عليه بالسحرة.
ويلاحظ أنه ذكرت قصة السّحرة مع موسى في سورة الأعراف ، كما تقدّم ، وفي هذه السّورة ، وفي سورة طه وفي الشّعراء ؛ لأن فرعون أراد التمويه على الناس وصدّهم عن اتّباع موسى ومعارضة ما جاء به عليهالسلام من الحقّ المبين ، من طريق زخارف السّحرة والمشعوذين ، فانعكس عليه الأمر ، وصدم مرامه ، وظهرت البراهين الإلهية في ذلك المحفل العام : (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ، قالُوا : آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ. رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) [الأعراف ٧ / ١٢٠ ـ ١٢٢].
ومعنى الآيات هنا : قال فرعون لحاشيته أو ملئه لما رأى العصا واليد البيضاء واعتقد أنها سحر فائق حاذق في علم السحر ، لظنّهم ألا فرق بين المعجزة الإلهية والسّحر. فأتوا بهم ، فلما جاء السّحرة وتجمّعوا ، قال لهم موسى بعد أن خيّروه بين أن يلقي ما عنده أولا ، أو يلقوا هم ما عندهم ، كما ذكر في سورة الأعراف : بل ألقوا ما أنتم ملقون من فنون السّحر ، ليظهر الحقّ ويبطل الباطل. فأراد موسى أن تكون البداءة منهم ليرى الناس ما صنعوا ، ويستنفدوا ما لديهم من طاقات وخبرات ، ثم يأتي بالحق بعده ، فيدمغ باطلهم ، ولهذا لما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم ، وجاؤوا بسحر عظيم : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ، قُلْنا :