موضع من مواضع جهنم ، وقيل : إنه مجاز ، والمعنى : صار البناء في نار جهنم ، فكأنه أنهار إليه وهوى فيه.
ثم أبان الله تعالى ما يجسّده إقامة المنافقين مسجد الضّرار من معان سيئة ثابتة راسخة على ممرّ التاريخ ، فقال : (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ ..) أي لا يزال بناؤهم هذا وهدمه سبب شكهم في الدّين ، وتزايد نفاقهم ؛ لأنه يجسّد آثار النّفاق والكفر ، فقد أورثهم نفاقا في قلوبهم ، كما أشرب عابدو العجل حبّه ، وأصبح وسمه لا يزول عن قلوبهم ، فلا يزال هذا شأنهم في جميع الأحوال إلا في حال تقطع قلوبهم أجزاء ، بحيث لا يبقى لها قابلية الإدراك ، أي بموتهم ، وهو في غاية المبالغة ، والاستثناء من أعم الأزمنة.
والمراد أن هذا البناء الذي فرحوا به مصدر استلهام الشّكوك في الدّين ، ومظهر تجسيد الكفر والنّفاق الجاثم في نفوسهم ، فحينما أمر النّبي صلىاللهعليهوسلم بهدمه ، ثقل ذلك عليهم ، وازداد بغضهم له ، وازداد ارتيابهم في نبوّته ، وعظم خوفهم ، وارتابوا في أمرهم : هل سيتركون أو يقتلون؟ فكان ذلك البنيان نفسه ريبة ، لكونه سببا للرّيبة ، وظهرت سببيّته للرّيبة بتخريبه وهدمه.
والله عليم بأعمال خلقه ، حكيم في مجازاتهم عنها من خير أو شرّ ، ومن حكمته تبيان حال المنافقين وإظهار ما خفي من أمرهم ، لمعرفة الحقائق.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيات على ما يأتي :
١ ـ من المنافقين جماعة أقاموا مسجد الضّرار بجوار مسجد قباء لمقاصد أربعة : محاولة الضّرار ، والكفر بالنّبي صلىاللهعليهوسلم وبما جاء به ، وتفريق جماعة المؤمنين ، واتّخاذه معقلا لمن عادى الله ورسوله.