أبيه». (يُسْقى) أي الجنّات وما فيها. (الْأُكُلِ) ما يؤكل ، فمنها الحلو ومنها الحامض ، ومنها الثّمر ومنها الحبّ ، وغير ذلك من الاختلاف شكلا وقدرا ورائحة وطعما ، وهو من دلائل قدرته تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور (لَآياتٍ) لدلالات (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يتدبّرون ويستعملون عقولهم بالتفكّر.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أن أكثر النّاس لا يؤمنون ، أعقبه ببيان ما يدلّ على التّوحيد والمعاد ، بالاستدلال بأحوال السّموات وأحوال الشّمس والقمر ، وبأحوال الأرض : جبالها وأنهارها ، وبأحوال النّبات من زروع وثمار وأشجار مختلفة الطّعوم والرّوائح والألوان.
وبعد أن بيّن الله تعالى أن القرآن حقّ ، بيّن أن من أنزله قادر على الكمال ، فانظروا في مصنوعاته لتعرفوا كمال قدرته.
التّفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه : أنه الذي خلق السّموات بغير أعمدة ، لا نشاهدها بالعين ، فهي لا عمد لها أصلا ، وقوله : (تَرَوْنَها) مؤكد معنى كونها بغير عمد ، لأن المراد إثبات وجود الله تعالى وقدرته ، فلو كان لها أعمدة ، فلا يكون في الآية دلالة على وجود الله تعالى ، فهي تقوم بقدرة الله تعالى وحفظه وتدبيره ، وتقوم في الفضاء بإبقائه تعالى ، حتى ولو قيل بتوازن قانون الجاذبية بين النّجوم والكواكب ، فإن ذلك بخلق الله تعالى.
ثم استوى الله تعالى على عرشه استواء يليق به ، والعرش شيء مخلوق ، نؤمن به كما أخبر القرآن ، وهو أعظم من السّموات والأرض ، جاء في الحديث : «ما السّموات السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، والكرسي في العرش المجيد كتلك الحلقة في تلك الفلاة» ، وفي رواية : «والعرش لا يقدر قدره إلا الله عزوجل».