٩ ـ مقابلة السيئة بالإحسان :
ويدفعون الإساءة بالإحسان كالجهل بالحلم ، والأذى بالصبر ، كما قال تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا : سَلاماً) [الفرقان ٢٥ / ٦٣] (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [الفرقان ٢٥ / ٧٢] ، ويتبعون السيئة بالحسنة لمحوها ، لقوله صلىاللهعليهوسلم فيما يرويه أحمد عن أبي ذر : «إذا عملت سيئة ، فاعمل بجنبها حسنة تمحها» وفي رواية أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي ذر : «وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن».
والثابت أن المعاملة الكريمة مع المسيء وغيره أفضل وأجدى وأوقع أثرا ؛ لأنها تهوّن الأمر ، وتستل الأحقاد ، وتكون عاقبتها أسلم.
وبعد أن وصف الله المؤمنين العقلاء بتلك الصفات الحميدة ، ذكر جزاءهم بقوله : (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) أي أولئك الموصوفون بما ذكر لهم العقبى الحسنة والسعادة في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فهو النصر على الأعداء ، وأما في الآخرة فهو الجنة.
ثم أوضح هذه العقبى فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ ..) أي تلك العقبى هي الجنات التي يقيمون فيها إقامة دائمة.
يدخلونها هم والصالحون المؤمنون من أزواجهم وأصولهم وفروعهم ، وهو دليل على أن سمو الدرجة يكون بالشفاعة ، وأن التقييد بالصلاح يدل على أن مجرد الأنساب لا تنفع ، فلا تفيد الأنساب شيئا إذا لم تقرن بالعمل الصالح ، وكما قال تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) [المؤمنون ٢٣ / ١٠١] وقال سبحانه : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء ٢٦ / ٨٨ ـ ٨٩] وقال النبيصلىاللهعليهوسلم لفاطمة في مرض موته فيما رواه الترمذي : «يا فاطمة بنت محمد ، سليني من مالي ما شئت ، لا أغني عنك من الله شيئا».