آتَيْناهُمُ) أي والذين آتيناهم الكتاب من اليهود والنّصارى قسمان : فالقائمون بمقتضاه يفرحون بما أنزل إليك من القرآن الكريم ؛ لما في كتبهم من الشواهد على صدقه ، والبشارة به ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [البقرة ٢ / ١٢١] ، وهم جماعة من اليهود كعبد الله بن سلام وأصحابه ، وجماعة من النّصارى وهم ثمانون رجلا من الحبشة واليمن ونجران.
ومن الأحزاب ، أي ومن جماعة أهل الكتاب الذين تحزّبوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، مثل كعب بن الأشرف اليهودي ، والسيد والعاقب أسقفيّ نجران وأتباعهم ، من ينكر بعض ما جاءك من الحقّ ، وهو ما لم يوافق شرائعهم أو ما حرّفوه منها.
وأمام هذا الانقسام في الرأي بين اليهود والنّصارى بالنّسبة للقرآن الكريم ذكر تعالى طريق النّجاة والسّعادة ، فقال : (قُلْ : إِنَّما أُمِرْتُ ..) أي قل يا محمد : إنّما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له ، كما أرسل الأنبياء من قبلي ، فإلى سبيله وطاعته وعبادته أدعو الناس ، وإليه وحده مرجعي ومصيري ومصيركم للجزاء والحساب.
وذلك كقوله تعالى : (قُلْ : يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ ، وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ، وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا : اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران ٣ / ٦٤].
والآية تشير إلى مبدأ التّوحيد ورفض الشّرك ، كما تشير إلى مبدأ البعث والحساب والجزاء يوم القيامة.
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا) أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين ، وأنزلنا عليهم الكتب ، كذلك أنزلنا عليك القرآن الكريم محكما لا زيغ فيه ، معربا