(وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) أصل كلّ كتاب ، وهو اللوح المحفوظ ؛ لأن كلّ كائن مكتوب فيه ، أو عنده الذي لا يتغيّر منه شيء ، أو علم الله وجميع ما يقع في صحف الملائكة لا يكون إلا موافقا لما يثبت فيه ، فهو الأمّ لذلك.
قال ابن عمر : سمعت النّبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا السّعادة والشّقاوة والموت». وقال ابن عباس : يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء : الخلق والخلق والأجل والرّزق والسّعادة والشّقاوة.
قال ابن كثير : ومعنى الآية أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ، ويثبت منها ما يشاء (١) ، وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد والنّسائي وابن ماجه عن ثوبان ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إن الرّجل ليحرم الرّزق بالذّنب يصيبه ، ولا يردّ القضاء إلا الدّعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البرّ» وفي رواية الحاكم «الدعاء يرد القضاء ، وإن البر يزيد في الرزق ، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه». وثبت في الصّحيح أن صلة الرّحم تزيد في العمر ، وفي حديث آخر : «إنّ الدّعاء والقضاء ليعتلجان بين السّماء والأرض».
والخلاصة : إن الآية عامة في جميع الأشياء ، والمحو والإثبات وارد فيها ، وأصل الكتاب لا يتغيّر ، واستثناء السّعادة والشّقاء والخلق والخلق والرّزق ؛ لأنها أمور لا تتغيّر ، وهي مما لا يدرك بالرّأي والاجتهاد ، وإنما يؤخذ عن النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فإن صحّ فالقول به يجب(٢).
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٥١٩
(٢) تفسير القرطبي : ٩ / ٣٢٩