المفردات اللغوية :
(وَإِنْ ما) فيه إدغام نون. «إن» الشّرطية في «ما» المزيدة. (نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) به من العذاب في حياتك ، وهو فعل الشّرط ، وجوابه محذوف ، أي فذاك. (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل تعذيبهم. (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) ما عليك إلا البلاغ. (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) إذا صاروا إلينا ، فنجازيهم.
(أَوَلَمْ يَرَوْا) أي أهل مكة. (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أي أرض الحياة التي يعيشون فيها. (أَطْرافِها) جوانبها ، والنقص منها بما نفتحه على المسلمين منها. (وَاللهُ يَحْكُمُ) في خلقه بما يشاء. (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) لا رادّ ولا مبطل له ، والمعقّب : الذي يتعقّب الشيء فيبطله بالنّقد ، ويقال لصاحب الحقّ : معقّب ؛ لأنه يتابع غريمه المدين بالطّلب ، والمعنى : أنه حكم للإسلام بالإقبال وعلى الكفر بالإدبار ، وذلك كائن لا يمكن تغييره. (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) يحاسبهم عما قريب في الآخرة بعد ما عذّبهم بالقتل والإجلاء في الدنيا.
(وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم بأنبيائهم ، كما مكروا بك. والمكر : إرادة الشيء في خفية. (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) أي لا يؤبه بتدبير دون تدبيره ، فإنه القادر على ما هو المقصود منه دون غيره. (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) فيعدّ جزاءها ، وهذا هو المكر «التّدبير» كلّه ؛ لأنه يأتيهم به من حيث لا يشعرون. (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ) المراد به كلّ كافر. (لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) أي العاقبة المحمودة في الدّار الآخرة ، ألهم ، أم للنّبيصلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
(شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) على صدقي. (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) أي المطّلع على حقيقة الكتاب الإلهي من مؤمني اليهود والنّصارى. ومن هاهنا : لابتداء الغاية.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى اقتراح المشركين إنزال آيات واستعجال العذاب ، ذكر هنا احتمال وقوع ما توعّدوا به ، وبيان أن وظيفة الرّسول صلىاللهعليهوسلم التّبليغ ، وأن آثار حصول تلك المواعيد وعلاماتها قد ظهرت وقويت ، بفتح المسلمين جوانب الأرض ، وأن الله يحكم في خلقه ما يريد.
ثم أبان أنّ مكر هؤلاء المشركين ومن تقدّمهم لا يضرّ المسلمين شيئا ، فالنّصر سيكون لهم ، والهزيمة والعذاب لغيرهم.