ثمّ ردّ الله على اليهود الذين أنكروا رسالة النّبي صلىاللهعليهوسلم بأنه شاهد له بالصّدق ، وحسبه شهادة الله ومن آمن من أهل الكتاب.
التفسير والبيان :
إن أريناك يا محمد في حياتك بعض الذي نعد أعداءك المشركين وغيرهم من الخزي والنّكال في الدّنيا ، أو نتوفينّك قبل أن نريك ذلك ، فما عليك إلا تبليغ رسالة ربّك ، وإنما أرسلناك لتبلّغهم رسالة الله ، وقد فعلت ما أمرت به ، وليس عليك التّوصل إلى صلاحهم ، فإنما علينا حسابهم وجزاؤهم على الخير والشّرّ ، كقوله تعالى : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ، فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ ، إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) [الغاشية ٨٨ / ٢١ ـ ٢٦].
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ ..) أي أنسي هؤلاء المشركون في مكة أو شكّوا أنّا نأتي الأرض ، فنفتحها لك أرضا بعد أرض ، وتنتصر عليهم ، وتمتد رقعة الإسلام ، وتتقلّص رقعة الكفر ، ويدخل النّاس في دين الله أفواجا ، كقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ، أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٤٤].
وتدلّ الآية في نطاق العلم الحديث على كون الأرض مفلطحة بيضاوية ، ليست كرة تامّة التّدوير ، بل هي ناقصة الأطراف.
وأما في الماضي فيراد بالآية كما أوضحت ظهور الإسلام على الشّرك قرية بعد قرية ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) [الأحقاف ٤٦ / ٢٧]. وقال ابن عباس : المراد موت أشرافها وكبرائها وعلمائها وذهاب الصّلحاء والأخيار. ولكن اللائق الرّأي الأول ، كما قال الواحدي.
(وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) أي والله يقضي القضاء المبرم ، ولا يرد حكمه