النّافذ ، فلا رادّ لقضائه ، ولا يستطيع أحد أن يطعن فيه أو يبطله أو ينقضه ، ومن حكم الله تعالى أن الأرض يرثها عباده الصّالحون بالعدل والإصلاح والعمران.
(وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي والله محاسب عباده قريبا في الآخرة ، وعقابه آت لا محالة ، فلا تستعجل عقابهم ، فإن الله معذّبهم في الآخرة بعد أن عذّبهم في الدّنيا بالقتل والأسر والخزي والذّل والنّكال.
(وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..) هذا تسلية للنّبي صلىاللهعليهوسلم على مكائد قومه ، وتصبير له على أذاهم ، فإن النّصر له في النّهاية حتما ، أي لقد مكر الكفار السابقون برسلهم ، وأرادوا إخراجهم من بلادهم ، وعذّبوهم ، كما فعل النّمرود بإبراهيم ، وفرعون بموسى ، واليهود بعيسى ، وكما فعلت عاد وثمود وإخوان لوط ، فمكر الله بهم ، وجعل العاقبة للمتّقين ، أي دبّر لهم ما أوقعهم في الهلاك بسبب ظلمهم وفسادهم.
(فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) أي لا يؤبه بتدبير دون تدبيره ، ولا يضرّ مكر الماكرين إلا بإذنه تعالى ، ولا يؤثر إلا بمشيئته وتقديره ، فلا خوف إلا منه.
وهذا كقوله تعالى في مكر المشركين بالنّبي صلىاللهعليهوسلم قبيل الهجرة : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ ، وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [الأنفال ٨ / ٣٠] ، وقوله سبحانه : (وَمَكَرُوا مَكْراً ، وَمَكَرْنا مَكْراً ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) [النّمل ٢٧ / ٥٠ ـ ٥٢].
(يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) أي أنه تعالى عالم بجميع السّرائر والضّمائر ، وسيجزي كلّ عامل بعمله ، فينصر أولياءه ، ويعاقب الماكرين.