تعالى ، وأن مهمته إخراج الناس من ظلمات الكفر والضلالة والجهل إلى نور الإيمان والهدى والعلم ، وذلك بتوفيق الله إياهم ولطفه بهم. وفيه إنعام على الرسول بتفويضه هذا المنصب العظيم ، وعلى الناس لإرساله لهم من خلصهم من ظلمات الكفر ، وأرشدهم إلى نور الإيمان.
٢ ـ قال المعتزلة : في هذه الآية دلالة على إبطال القول بالجبر من جهات ثلاث :
أحدها ـ إخراج الكفر من الكافر بالكتاب.
وثانيها ـ أنه أضاف الإخراج من الظلمات إلى النور إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وثالثها ـ الإخراج من الكفر بالكتاب بتلاوته عليهم ليتدبروه وينظروا فيه ، فيتوصلوا إلى كونه تعالى عالما قادرا حكيما ، وإلى أن القرآن معجزة صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فيقبلوا منه كل ما أداه إليهم من الشرائع ، باختيارهم.
قال أهل السنة : إن المؤثر الأول في صدور الفعل من العبد وترجيح جانب الوجود على جانب العدم هو الله تعالى.
وفعل العبد مخلوق لله تعالى ؛ لقوله سبحانه : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي بمشيئته وتخليقه.
٣ ـ طرق الكفر والجهل والبدعة كثيرة ، وطريق الخير واحد ؛ لأنه تعالى قال : (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) فعبر عن الجهل والكفر بالظلمات وهو جمع ، وعبر عن الإيمان والهداية بالنور ، وهو لفظ مفرد.
٤ ـ قدم ذكر العزيز على الحميد ؛ لأن الواجب أولا في العلم بالله : العلم بكونه تعالى قادرا ، ثم العلم بكونه عالما ، ثم العلم بكونه غنيا عن الحاجات ، والعزيز : هو القادر ، والحميد : هو العالم الغني.