٥ ـ لله ما في السموات وما في الأرض ملكا وعبيدا واختراعا وخلقا ، وهذا يدل على أنه تعالى غير مختص بجهة العلو البتة ؛ لأن كل ما سماك وعلاك فهو سماء ، وبما أن كل ما في السموات فهو ملكه ، فهو منزه عن الحصول في جهة فوقية. وأما قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) [الملك ٦٧ / ١٦] فالمراد به سلطانه وقدرته.
وتدل الآية أيضا على الحصر ، أي كل ما في السموات والأرض له ، لا لغيره ، وهو يدل على أنه لا مالك إلا الله ، ولا حاكم إلا الله عزوجل.
ولهذا عطف عليه وعيد الكفار بقوله : (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) لأنهم تركوا عبادة الله تعالى الذي هو مالك السموات والأرض وما فيهما ، إلى عبادة ما لا يملك ضرا ولا نفعا ، ويخلق ولا يخلق ، ولا إدراك لها ولا فعل.
٦ ـ استحقاق الكافرين الهلاك والعذاب في نار جهنم لصفات ثلاث : هي تفضيلهم أو إيثارهم الدنيا على الآخرة ، ومنعهم الناس من الوصول إلى سبيل الله ودينه ، وهو المنهج القويم والطريق المستقيم ، وطلبهم لسبيل الله زيغا وميلا واعوجاجا ، لموافقة أهوائهم ، وقضاء حاجاتهم وأغراضهم ، فهم في ضلال بعيد عن الحق.
٧ ـ من فضل الله وتيسيره الاهتداء بهدايته إرسال كل رسول إلى قومه بلغتهم ، ليبين لهم أمر دينهم ، وليفهموا منه شرائع الله ، ويفقهوها عنه بيسر وسرعة ، ثم ينقلوها لغيرهم.
وإرسال جميع الرسل بلغة قومهم يقتضي تقدم حصول اللغات على إرسال الرسل ، وهو يدل على أن اللغات حاصلة بالاصطلاح ، وليست توقيفية ، كما ذكر الرازي.
٨ ـ قوله : (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) رد على القدرية في