٢ ـ (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) أي وأنتم تريدون أن نترك ما وجدنا عليه آباءنا ، بهذه الدعوى التي لا دليل على صحتها.
٣ ـ (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي فأتونا بأمر خارق نقترحه عليكم ، أو بحجة ظاهرة تدلّ على صحة ادعائكم النبوة ، فنحن لا نؤمن إلا بالحسيّات ، أما خلق السموات والأرض وما فيهما من عجائب ، فلا نعقلهما ، ولا يصلح دليلا على صحة ما تقولون.
ثم ذكر الله ما ردّ به الأنبياء على شبهاتهم الثلاث ، وهو المصادقة والتسليم للشبهتين الأولى والثانية ، وإسناد الأمر إلى الله في الثالثة ، فقال : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ ..) أي قالت الرسل للأمم : ما نحن إلا بشر مثلكم كما ذكرتم ، نأكل ونشرب وننام ونمشي في الأسواق ونبحث عن الرزق ، ولكن الله سبحانه يتفضل على من يشاء من عباده بالرسالة والنبوة : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام ٦ / ١٢٤] وقد منّ الله علينا بالرسالة.
وأما تقليدكم الآباء لمجرد كونهم آباء فهذا شيء لا يقبله العقل.
وأما طلبكم الحجة والبرهان على صدق رسالتنا ، والإتيان بسلطان على وفق ما سألتم ، بالرغم من المعجزات التي ظهرت لنا ، فأمره إلى الله ، ولا نتمكن من الإتيان بسلطان إلا بمشيئة الله وإرادته ، ولا نقدر عليه.
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي على جميع المؤمنين أن يتكلوا على الله في جميع أمورهم ، لدفع شرّ عدوهم ، والصبر على معاداتهم.
ثم أكدوا اعتمادهم على الله فقالوا : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ ..) أي وكيف لا نتوكل على الله الذي هدانا إلى سبيل المعرفة ، وأرشدنا إلى طريق النجاة؟! وما يمنعنا من التوكل عليه ، وقد هدانا لأقوم الطرق وأوضحها وأبينها.