والإنسانية لا يمنع من اختصاص بعض البشر بمنصب النبوة ؛ لأنه منصب يمنّ الله به على من يشاء من عباده.
وأما الشبهة الثانية : وهي توافق السلف على ذلك الدين ، مما يدل على كونه حقا ، فجوابها : أن التمييز بين الحق والباطل ، والصدق والكذب عطية من الله تعالى وفضل منه ، ولا يبعد أن يخص بعض عبيده بهذه العطية ، وأن يحرم الجمع العظيم منها.
وأما الشبهة الثالثة : وهي أنا لا نرضى بهذه المعجزات التي أتيتم بها ، وإنما نريد معجزات قاهرة قوية ، فالجواب عنها أن الأشياء التي طلبتموها أمور زائدة ، والحكم فيها لله تعالى ، فإن أظهرها فله الفضل ، وإن لم يخلقها فله العدل ، ولا يطلب منه شيء بعد توافر قدر الكفاية.
٧ ـ لا سبيل أمام الأنبياء إلا الصبر على الأذى والاعتصام بالله وتفويض الأمر إليه والتوكل التام عليه ، فإن الصبر مفتاح الفرج ، ومطلع الخيرات ، والتوكل على الله والاعتماد على فضله محقق للنصر والفتوح.
وفائدة تكرار الأمر بالتوكل : أمر أنفسهم به أولا ثم أمر أتباعهم به ، فبعد أن أمروا أنفسهم بالتوكل على الله في قوله : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) أمروا أتباعهم بذلك وقالوا : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) وهو يدل على أن الآمر بالخير لا يؤثر قوله إلا إذا أتى بذلك الخير أولا.