الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا : إِنَّا كُلٌّ فِيها ، إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) [غافر ٤٠ / ٤٧ ـ ٤٨] وقال تعالى : (قالَ : ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ ، كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها ، حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً ، قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ : رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا ، فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ ؛ قالَ : لِكُلٍّ ضِعْفٌ ، وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ. وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ : فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) [الأعراف ٧ / ٣٨ ـ ٣٩] وقال تعالى : (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا ، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ ، وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) [الأحزاب ٣٣ / ٦٧ ـ ٦٨].
ثم ذكر الله تعالى محاورة أخرى بين الشيطان وأتباعه من الإنس ، فقال : (وَقالَ الشَّيْطانُ ..) أي وقال إبليس لأتباعه الإنس ، بعد ما قضى الله بين عباده ، فأدخل المؤمنين الجنات ، وأسكن الكافرين الدركات : إن الله وعدكم بالبعث والجزاء وعد الحق على ألسنة رسله ، وكان وعدا حقا وخبرا صدقا ، وأما أنا فوعدتكم ألا بعث ولا جزاء ، ولا جنة ولا نار ، فأخلفتكم موعدي ، إذ لم أقل إلا باطلا من القول وزورا ، كما قال تعالى : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ، وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) [النساء ٤ / ١٢٠] وقد اتبعتموني وتركتم وعد ربكم.
(وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) أي وما كان لي عليكم فيما دعوتكم إليه دليل ولا حجة ، ولا قوة ولا تسلط فيما وعدتكم به.
(إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ ..) أي ولكن حينما دعوتكم استجبتم لي ، بمجرد ذلك.
(فَلا تَلُومُونِي ..) أي فلا توجهوا اللوم إلي اليوم ، ولوموا أنفسكم ؛ لأنكم أسرعتم إلى إجابتي باختياركم ، فإن الذنب ذنبكم ؛ لكونكم لم تستمعوا إلى دعاء ربكم ، وقد دعاكم دعوة الحق بالحجج والبينات ، فخالفتم البراهين الداعية لكم إلى الصواب.