واحد : وهو تبرؤ المتبوع من التابع ، ولكن الشيطان كان أصدق في هذه المحاورة من الإنسان ؛ لأنه أعلن أن الله وعد الناس وعد الحق وهو البعث والجزاء على الأعمال ، فوفى لهم بما وعدهم ، وأما هو فوعد الناس بخلاف ذلك وأنه لا بعث ولا جزاء ، فأخلف الوعد.
٤ ـ قال الرازي عن آية (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) : هذه الآية تدل على أن الشيطان الأصلي هو النفس ؛ لأن الشيطان بيّن أنه ما أتى إلا بالوسوسة ، فلو لا الميل الحاصل بسبب الشهوة والغضب والوهم والخيال ، لم يكن لوسوسته تأثير البتة ، فدل هذا على أن الشيطان الأصلي هو النفس (١).
ومن المعلوم أن الملائكة والشياطين هي أجسام لطيفة ، والله تعالى ركبها تركيبا عجيبا ، ولا يستبعد أن تنفذ الأجرام اللطيفة في عمق الأجرام الكثيفة أي في بنية الإنسان.
٥ ـ للظالمين عذاب أليم ، لا مرد له ، جزاء ظلمهم ، أي كفرهم ، فالعصيان والكفر باختيارهم وكسبهم.
٦ ـ للمؤمنين المتقين جنات تجري من تحتها الأنهار ، بأمر ربهم ، ومشيئته وتيسيره ، يحيون فيها بالسلام من الله تعالى ، ومن الملائكة ، وتكون تحية بعضهم بعضا هي السلام.
٧ ـ كانت مواعيد الشيطان باطلة ، ووعد الله هو الحق ، واتبع الناس قول الشيطان بلا حجة ولا برهان ، وتبرأ الشيطان منهم ومن عملهم ، فليس لهم لوم عليه ، إنما عليهم اللوم ، وأيأسهم بأنه لا نصر عنده ولا عون ولا إغاثة ، بل هو محتاج إلى من ينصره ، وكفر بشركهم له في الدنيا ، وهذا تنبيه لهم مما سيلقونه من العذاب.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٩ / ١١١