بالرغم من التعذيب كبلال وغيره من الصحابة ، فتثبيتهم به في الدنيا : أنهم إذا فتنوا في دينهم ، لم يزلّوا ، كما ثبّت الذين فتنهم أصحاب الأخدود ، والذين نشروا بالمناشير ، ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد.
وتثبيتهم في الآخرة : أنهم إذا سئلوا عن معتقدهم ودينهم في موقف الحساب ، لم يتلعثموا ، ولم تحيرهم أهوال الحشر.
وقيل وهو القول المشهور : معناه الثبات عند سؤال القبر ، والمراد بالحياة الدنيا : مدة الحياة ، والآخرة : يوم القيامة والحساب ، روى البخاري ومسلم وأحمد وبقية الجماعة كلهم عن البراء بن عازب رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «المسلم إذا سئل في القبر ، شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ). وهذا مروي أيضا عن أبي هريرة.
وروى ابن أبي شيبة الحديث المتقدم نفسه عن البراء أنه قال في الآية : التثبيت في الدنيا : إذا جاء الملكان إلى الرجل في القبر ، فقالا له : من ربك؟ قال : ربي الله ، وقالا : وما دينك؟ قال : ديني الإسلام ، وقالا : وما نبيك؟ قال : نبيي محمد صلىاللهعليهوسلم.
وروى أبو داود عن عثمان بن عفان رضياللهعنه قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا فرغ من دفن الميت ، وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم ، واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل».
قال الرازي : القول المشهور : أن هذه الآية وردت في سؤال الملكين في القبر ، وتلقين الله المؤمن كلمة الحق في القبر عند السؤال وتثبيته إياه على الحق (١).
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٩ / ١٢٢