ثم ذكر الله تعالى مصير الكافرين بقوله : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) أي ويمنع الله الكافرين عن الفوز بثوابه ، أو يتركهم وضلالهم لعدم توافر استعدادهم للإيمان ، وانزلاقهم في الأهواء والشهوات.
أو يجعلهم يترددون في الجواب ويتلعثمون إذا سئلوا في قبورهم عن دينهم ومعتقدهم ؛ روى ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضياللهعنهما : «إن الكافر إذا حضره الموت ، تنزل عليه الملائكة عليهمالسلام يضربون وجهه ودبره ، فإذا دخل قبره ، أقعد ، فقيل له : من ربك؟ لم يرجع إليهم شيئا ، وأنساه الله تعالى ذكر ربه ، وإذا قيل له : من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئا ، فذلك قوله تعالى : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ).
ثم أبان الله تعالى مشيئته المطلقة في الفريقين فقال : (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) أي إن شاء هدى ، وإن شاء أضل. وإضلالهم في الدنيا : أنهم لا يثبتون في مواقف الفتن ، وتزلّ أقدامهم أول شيء ، وهم في الآخرة أضل وأزلّ. والضلال لسوء الاستعداد ، والميل مع أهواء النفس.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ الكلمة الطيبة وهي الإيمان أو لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أو المؤمن نفسه : هي الثابتة الخالدة ، الطيبة النافعة. روى أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة : الإيمان عروقها ، والصلاة أصلها ، والزكاة فروعها ، والصيام أغصانها ، التأذي في الله نباتها ، وحسن الخلق ورقها ، والكفّ عن محارم الله ثمرتها». والشجرة الطيبة في الأصح : هي النخلة ، ذكر الغزنوي والطبراني فيما رواه ابن عمر عنه صلىاللهعليهوسلم : «مثل المؤمن كالنخلة ، كل شيء منها ينتفع به».