(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ ..) أي وليبادروا إلى ذلك لخلاص أنفسهم ، من قبل أن يأتي يوم القيامة ، الذي لا بيع فيه ، أي لا يقبل من أحد فيه فدية ، بأن تباع نفسه ، ولا تفيد فيه صداقة ، للصفح والعفو والتخلص من العقاب ، بل هناك العدل والقسط ، كما قال تعالى : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ ، وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحديد ٥٧ / ١٥] وقال سبحانه : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ، وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ ، وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ ، وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) [البقرة ٢ / ١٢٣] وقال عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ، وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ ، وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة ٢ / ٢٥٤].
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآية بيان الفرق بين فريقي الكفار والمؤمنين ، أما الكافرون فاستحقوا دخول دار البوار : جهنم لأسباب ثلاثة : هي تبديلهم شكر نعمة الله عليهم كفرانا وجحودا ، واتخاذ الأنداد أي الشركاء وهي الأصنام التي عبدوها ، وإضلالهم الناس عن دين الله القويم ، بمعنى أن عاقبتهم إلى الإضلال والضلال ، ومردهم ومرجعهم إلى عذاب جهنم.
وأما المؤمنون فلهم الجنة بسبب إقامة الصلوات الخمس المفروضة ، والإنفاق في سبيل الله ، بأداء الزكاة الواجبة ، والتطوع بالصدقات المستحبة ، بإعلان الواجب ، وإخفاء التطوع ، كما قال تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ، وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة ٢ / ٢٧١].
ودلت الآية على أنه لا ينفع يوم القيامة فداء ولا صداقة ، وأن الطاعات الأساسية ثلاث : الإيمان بالله تعالى ، وشغل النفس بخدمة المعبود في الصلاة ،