٧ ـ كان استرقاق أو استعباد السارقين دين يعقوب عليهالسلام وحكمه ، وقد فهم هذا من جواب أولاده : (جَزاؤُهُ : مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ ، فَهُوَ جَزاؤُهُ) وفي الجملة معنى التوكيد ، كما تقول : جزاء من سرق القطع ، فهذا جزاؤه ؛ لأنهم التزموا استرقاق من وجد في رحله.
وكان حكم السارق عند أهل مصر أن يغرم ضعفي ما أخذ.
وأما قطع يد السارق في شريعتنا فهو ناسخ لما تقدم من الشرائع ، أو لما كان في شرع يعقوب من استرقاق السارق.
٨ ـ يجوز التوصل إلى الأغراض أو الحقوق المشروعة إذا لم تخالف شريعة ، ولا هدمت أصلا. وأجاز الحنفية والشافعية الحيلة إلى المباح ، واستخراج الحقوق ، لفعل يوسف بوضع الصواع في رحل أخيه ، ولفعل أيوب مع امرأته : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) [ص ٣٨ / ٤٤] ولأمر النبي صلىاللهعليهوسلم ببيع التمر الرديء بالدراهم ، ثم شراء التمر الجيد (الجنيب) بالدراهم.
واجمع العلماء على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة إذا لم ينو الفرار من الصدقة ، فإذا حال الحول لا يحل له التحيل ولا النقصان ، ولا أن يفرّق بين مجتمع ، ولا أن يجمع بين متفرق.
وقال مالك : إذا فوّت من ماله شيئا ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه ، لزمته الزكاة عند الحول ، أخذا منه بقوله صلىاللهعليهوسلم : «خشية الصدقة».
وقال أبو حنيفة : إن نوى بتفريقه الفرار من الزكاة قبل الحول بيوم لا يضرّه ؛ لأن الزكاة لا تلزم إلا بتمام الحول ، ولا يتوجه إليه معنى الحديث السابق : «خشية الصدقة» (١) إلا حينئذ.
__________________
(١) نص الحديث الذي أخرجه البخاري عن أنس : «ولا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة» (سبل السلام ٣ / ٥٩١ ، ط بيروت).