ولكن الله العالم بحقائق الأمور الحكيم فيها على الوجه المطابق للفضل والإحسان والرحمة والمصلحة هيأ لجمع الأسرة كلها.
١٢ ـ إن الحزن ليس بمحظور إذا اقترن بالصبر والرضا والتسليم لقضاء الله وقدره ، فذلك من طبع الإنسان وعاطفته ، وإنما المحظور هو السخط على القضاء والقدر ، والولولة ، وشق الثياب ، والكلام بما لا ينبغي ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه الشيخان : «تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب».
وبناء عليه لما سمع يعقوب عليهالسلام كلام أبنائه ، ضاق قلبه جدا ، وأعرض عنهم ، وفارقهم ، ثم طلبهم أخيرا وعاد إليهم.
١٣ ـ أشفق أولاد يعقوب على أبيهم ، ورقوا ، وذكروا له مخاطر الاستمرار في حال الحزن ، وهي إما المرض المضعف القوة ، وإما الهلاك والموت ، وهذا أمر واقعي مطابق لأحوال الناس.
١٤ ـ كانت شكاية يعقوب وحزنه ولجوءه بالدعاء إلى الله وحده ، لا إلى أحد من الخلق ، وهذا هو المطلوب شرعا في كل شاك حزين.
١٥ ـ إن نبي الله يعقوب يعلم مالا يعلم غيره من الناس بما عند الله من رحمة وإحسان وتفريج كرب ، ويعلم أيضا أن رؤيا يوسف صادقة ، وأنه وزوجته وأبناؤه سيسجدون له ، تصديقا لرؤياه السابقة وهو صغير.
١٦ ـ تيقن يعقوب عليهالسلام حياة ابنه يوسف إما بالرؤيا ، وإما بإخبار ملك الموت إياه بأنه لم يقبض روحه ، وهو أظهر ، فعاد يكلم أولاده باللطف ، وطلب منهم الذهاب إلى مصر للبحث عن يوسف وأخيه.
١٧ ـ لا يقنط من فرج الله إلا القوم الكافرون ، وهذا دليل على أن الكافر يقنط في حال الشدّة ، وعلى أن القنوط من الكبائر ، أما المؤمن فيرجو دائما فرج الله تعالى.