٣ ـ استدل مالك وغيره من العلماء على أن أجرة الكيال على البائع : لأن إخوة يوسف قالوا له : (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) فكان يوسف هو الذي يكيل. وكذلك الوزّان والعدّاد وغيرهم ، لأن على البائع تسليم المبيع وتمييزه عما عداه ، إلا إذا باع شيئا معينا أو ما لا يحتاج إلى الكيل أو الوزن أو العدد ، ولأن البائع لا يستحق الثمن إلا بعد إيفاء الحق بالكيل أو الوزن.
وكذلك أجرة النقد (فحص الدراهم التي هي الثمن) على البائع أيضا ، لأنه هو الذي يدّعي الرداءة ، ولأن النفع يقع له ، فصار الأجر عليه.
ويكره للرجل أن يقول في دعائه : اللهم تصدق عليّ ، لأن الصدقة إنما تكون ممن يبتغي الثواب ، والله تعالى متفضل بالثواب بجميع النعم ، لا رب غيره.
٤ ـ استنباط الأحكام من فحوى الكلام وما يصحبه من إشارات ، فإن يوسف وجّه لإخوته استفهاما بمعنى التذكير والتوبيخ بقوله : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ؟) ففهموا منه أنه يوسف ، فقالوا على سبيل استفهام التقرير والإثبات : (أَإِنَّكَ لَأَنْتَيُوسُفُ؟).
ودل قوله (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) على أنهم كانوا صغارا في وقت أخذهم ليوسف ، وليسوا أنبياء ، لأنه لا يوصف بالجهل إلا من كانت هذه صفته ، ويدل على أنه حسنت حالهم الآن ، أي فعلتم فعلكم إذ أنتم صغار جهال.
وتعرف إخوة يوسف عليه ، فتجاوب معهم وعرفهم بنفسه قائلا : (أَنَا يُوسُفُ) أي أنا المظلوم.
قال ابن عباس : كتب يعقوب إلى يوسف بطلب ردّ ابنه ، وفي الكتاب : من يعقوب صفيّ الله ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر :