واحتذى نبينا عليه الصلاة والسّلام حذو أخيه يوسف عليهالسلام في هذا القول العظيم يوم فتح مكة بإعلان العفو عن قريش ، روى ابن مردويه عن ابن عباس ، والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذ بعضادتي الباب يوم فتح مكة ، وقد لاذ الناس بالبيت فقال : «الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم قال : ماذا تظنون يا معشر قريش؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، وقد قدرت ، قال : وأنا أقول كما قال أخي يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) فخرجوا كأنما نشروا من القبور».
وقال عطاء الخراساني : طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ ، ألم تر قول يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) وقال يعقوب : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي).
٩ ـ حدثت الفرحة الصغرى بعودة البصر إلى يعقوب حينما ألقي عليه قميص يوسف. وهو ـ في القول الأصح المروي مرفوعا عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فيما ذكر القشيري ـ قميص إبراهيم الذي ألبسه الله أثناء إلقائه في النار من حرير الجنة ، وكان كساه إسحاق ، وكان إسحاق كساه يعقوب ، ويعقوب علقه في عنق يوسف ، لما كان يخاف عليه من العين ، وأخبره جبريل بأن أرسل قميصك فإن فيه ريح الجنة ، وإن ريح الجنة لا يقع على سقيم ولا مبتلى إلا عوفي. وهذا بإعلام الله يوسف به. وقيل : إنه قميص يوسف الذي خلعه من على بدنه ، فإنه إذا ألقي على أبيه انشرح صدره ، وحصل في قلبه الفرح الشديد ، والفرح يقوي الروح ، ويزيل الضعف عن القوى الحسية ، فيقوى بصره ، ويزول عنه ما غشيه بسبب البكاء ، والطب يؤيد ذلك.
١٠ ـ تمت الفرحة الكبرى بطلب يوسف عليهالسلام من إخوته إحضار جميع أسرته إلى مصر لاتخاذها دارا ، وكان عددهم سبعين أو ثلاثة وتسعين ، ما بين رجل وامرأة.