(قالُوا) أي الحاضرون (لَفِي ضَلالِكَ) خطئك ، أو في إفراطك في حبه ، وإكثار ذكره ، وتوقع لقائه بعد طول العهد (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) يهوذا ، روي أنه قال : كما أحزنته بحمل قميصه الملطخ بالدم إليه ، فأفرحه بحمل هذا إليه ، وأن : زائدة (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) طرح البشير القميص على وجه يعقوب عليهالسلام. (فَارْتَدَّ) رجع بصيرا ، لما انتعش فيه من القوة ، بسبب الفرح والبهجة.
المناسبة :
عمت الفرحة أولاد يعقوب في أرجاء مصر ، بعد تعارفهم ، وانتقل أثر الفرح إلى أرض كنعان في أسعد عودة من رحلتهم الثالثة إلى مصر ، وأظهر الله المعجزة على يد يعقوبعليهالسلام بإحساسه برائحة يوسف ، وأيّد الله ذلك الشعور ببشارة البشير ابنه الأكبر الذي اعتصم في مصر ، حتى يأذن له أبوه بالرجوع بعد بقاء أخيه بنيامين.
روى الواحدي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : أما قوله : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي ، يَأْتِ بَصِيراً) فإن نمروذ الجبار ، لما ألقى إبراهيم في النار ، نزل عليه جبريل عليهالسلام بقميص من الجنة ، وطنفسة من الجنة ، فألبسه القميص ، وأجلسه على الطنفسة ، وقعد معه يحدثه ، فكسا إبراهيم عليهالسلام ذلك القميص إسحاق ، وكساه إسحاق يعقوب ، وكساه يعقوب يوسف ، فجعله في قصبة من فضة ، وعلقها في عنقه ، فألقي في الجب ، والقميص في عنقه.
التفسير والبيان :
ولما خرجت إبل أولاد يعقوب من حدود مصر عائدة إلى أرض كنعان (فلسطين) من بلاد الشام ، قال يعقوب النبي عليهالسلام لمن حضره من حفدته وقومه : إني لأشم رائحة يوسف وقميصه ، لولا أن تنسبوني إلى الفند (الخرف وضعف العقل) والكبر.