ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ..) لما احتجّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على صحّة نبوّته بكون القرآن معجزة ، طعنوا في القرآن ، وقالوا : إنه أساطير الأولين ، وليس هو من جنس المعجزات.
ومعنى الآية : وإذا قيل لهؤلاء المستكبرين المكذّبين الذين لا يؤمنون بالآخرة من المشركين : أي شيء أنزل ربّكم؟ قالوا معرضين عن الجواب : لم ينزل شيئا ، إنما هذا الكلام الذي يتلى علينا أساطير أي أكاذيب وخرافات مأخوذة من كتب المتقدمين ، كما حكى تعالى عنهم في آية أخرى: (وَقالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها ، فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفرقان ٢٥ / ٥] أي يفترون على الرّسول بأقوال متضادّة مختلفة باطلة.
والسائل : إما واحد من المسلمين أو من كلام بعضهم لبعض أو النّضر بن الحارث أو قول المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة ، ينفّرون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا سألهم وفود الحجيج عما أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم.
هذا عن القرآن ، أما عن النّبي صلىاللهعليهوسلم فكانوا يقولون : ساحر وشاعر وكاهن ومجنون ، ثم استقرّ أمرهم على ما اختلقه زعيمهم الوليد بن المغيرة المخزومي ، الذي حكى عنه القرآن قراره : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ، ثُمَّ نَظَرَ ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ، فَقالَ : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) [المدثر ٧٤ / ١٨ ـ ٢٤] ، أي ينقل ويحكى ، فتفرقوا متفقين على قوله.
ثم أبان تعالى مصير قولهم : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً ..) هذه لام العاقبة أو الصيرورة ، مثل : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص ٢٨ / ٨].
والمعنى : إنما قالوا ذلك ليتحملوا أوزارهم وآثامهم كاملة يوم القيامة وأوزار الذين يتبعونهم جهلا بغير علم فلا يعلمون أنهم ضلّال ، واقتداء بهم في الضّلال ، أي