ليصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم ، وخطيئة إغوائهم لغيرهم ، واقتدائهم بهم. والمراد بقوله تعالى : (كامِلَةً) أنه لا ينقص منها شيء. وقوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) على رأي الزّمخشري : حال من المفعول ، أي يضلّون من لا يعلم أنهم ضلال ، وعلى رأي الرّازي : حال من الفاعل ، أي إن هؤلاء الرؤساء يضلّون غيرهم جهلا منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد على ذلك الإضلال.
(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) أي بئس شيئا يحملونه من الذنب ذلك الذي يفعلون.
ونظير الآية : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ ، وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت ٢٩ / ١٣].
وأوضحت السّنة سبب تحملهم آثام من قلّدوهم ، فقال صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السّنن الأربعة عن أبي هريرة ـ : «من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».
ثم أبان الله تعالى وجود الشّبه بين الكفار القدامى والجدد في الجرم والعقاب فقال : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..) أي قد كاد لدين الله ورسله من تقدّمهم من الأمم ، واحتالوا بمختلف الوسائل لإطفاء نور الله فأهلكهم الله تعالى في الدّنيا ، بأن دمّر مبانيهم من قواعدها ، وسقط عليهم السّقف من فوقهم ، وأبطل كيدهم ، وأحبط أعمالهم ، وأطبق عليهم العذاب من كلّ جانب ، ومن حيث لا يحسّون بمجيئه ولا يتوقّعون ، فاعتبروا يا أهل مكة وأمثالكم. وهذا كله تمثيل لصورة العذاب ، ومضمونه إهلاكهم من الله تعالى.
وسبب قوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ) مع أن السّقف لا يكون إلا من فوق هو