المؤمنين الذين يؤمنون بالمنزّل ، وما أعده لهم في الدنيا والآخرة من منازل الخيرات ودرجات السعادات في جنات عدن ، حتى تتم المقارنة بين وعد هؤلاء ، ووعيد أولئك.
روي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، فإذا جاء الوافد المقتسمين طرق مكة للحيلولة بين القادمين وبين الإيمان بالنبي ، قالوا له ما قالوا سابقا ، وإذا جاء المؤمنين قالوا له ذلك.
روى ابن أبي حاتم عن السّدّي قال : اجتمعت قريش ، فقالوا : إن محمدا رجل حلو اللسان إذا كلمه الرجل ذهب بعقله ، فانظروا ناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم ، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين ، فمن جاء يريده فردوه عنه ، فخرج ناس في كل طريق ، فكان إذا أقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد ، ووصل إليهم ، قال أحدهم : أنا فلان بن فلان ، فيعرّفه نسبه ، ويقول له : أنا أخبرك عن محمد : إنه رجل كذاب ، لم يتّبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ، ومن لا خير فيهم ، وأما شيوخ قومه وخيارهم ، فمفارقون له ، فيرجع الوافد ، فذلك قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
فإن كان الوافد ممن عزم الله له الرشاد ، فقالوا له مثل ذلك ، قال : بئس الوافد لقومي ، إن كنت جئت ، حتى إذا بلغت مسيرة يوم ، رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل ، وأنظر ما يقول ، وآتي قومي ببيان أمره ، فيدخل مكة ، فيلقى المؤمنين ، فيسألهم ما ذا يقول محمد؟ فيقولون : خيرا.
التفسير والبيان :
تتميز الأشياء بأضدادها ، فأخبر الله تعالى عن السعداء المؤمنين إثر الإخبار عن الأشقياء المشركين ، ليتضح الفرق ، وتتجلى أسس العدل. فسئل الذين اتقوا