الكفر والمعاصي وخافوا الله : ما ذا أنزل ربكم؟ قالوا : أنزل خيرا أي رحمة وبركة لمن اتبعه وآمن به وبرسوله.
والسائل : هم الوافدون على المسلمين في أيام المواسم والأسواق ، فكان الرجل يأتي مكة ، فيسأل المشركين عن محمد وأمره ، فيقولون : إنه ساحر وكاهن وكذاب ، فيأتي المؤمنين ، ويسألهم عن محمد وما أنزل الله عليه ، فيقولون : أنزل خيرا.
ثم أخبر تعالى عما وعد هؤلاء المؤمنين في مقابل وعيد المشركين السابق ، فقال : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ..) أي للذين آمنوا بالله ورسوله وأطاعوه ، وأحسنوا العمل في الدنيا ، أحسن الله إليه عمله في الدنيا والآخرة.
فلهم في الدنيا مثوبة حسنة من عند الله بالنصر والفتح والعزة ، وفي الآخرة بنعيم الجنة وما فيها من خير.
ثم أعلمنا الله تعالى بأن دار الآخرة خير من الحياة الدنيا ، والجزاء فيها أتم من الجزاء في الدنيا.
ونظير صدر الآية : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل ١٦ / ٩٧].
ونظير آخر الآية : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ : وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) [القصص ٢٨ / ٨٠] وقوله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) [آل عمران ٣ / ١٩٧] وقوله : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) [الضحى ٩٣ / ٤] وقوله : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) [الأعلى ٨٧ / ١٧].
ثم وصف الدار الآخرة بقوله : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي)