تقول الملائكة لهم : سلام عليكم من الله ، وأمان لا خوف ، وراحة لا مكروه ، ادخلوا الجنة التي أعدها لكم ربكم بسبب أعمالكم. والمراد من هذه التحية : البشارة بدخول الجنة بعد البعث. ولما بشرتهم الملائكة بالجنة ، صارت الجنة كأنها دارهم ، وكأنهم فيها ، فقولهم : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) أي هي خاصة لكم ، كأنكم فيها.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآيات مثل واضح لأسلوب القرآن في بيان المتقابلات المتعاكسة ، فبعد أن أبان تعالى حال المشركين وجزاءهم في الدنيا والآخرة ، أعقبه ببيان حال المؤمنين الأتقياء.
فهم يؤمنون ويصدقون تصديقا جازما بصدق النبوة ، وصحة ما أنزل الله من القرآن على نبيه المصطفى صلىاللهعليهوسلم.
فيكون جزاؤهم أحسن من عملهم : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن ٥٥ / ٦٠] فلهم في الدنيا الجزاء الأفضل من النصر والفتح والغنيمة والعزة ، ولهم في الآخرة الحسنة أي الجنة ، فمن أطاع الله فله الجنة غدا ، وما ينالون في الآخرة من ثواب الجنة خير وأعظم من دار الدنيا ، لفنائها وبقاء الآخرة ، ولنعم دار المتقين : الآخرة ، وهي جنات عدن التي يدخلونها ، وتجري في رياضها الأنهار ، ولهم فيها ما يشاءون مما تمنوه وأرادوه ، ومثل هذا الجزاء يجزي الله المتقين ، وهكذا يكون جزاء التقوى.
ويطيب للملائكة قبض أرواح هؤلاء الأتقياء ، ويسلمون عليهم ، مبشرين لهم بالجنة ؛ لأن السلام أمان. قال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت يقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام. وقال مجاهد : إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده ، لتقرّ عينه.
وتقول لهم أيضا : أبشروا بدخول الجنة بما عملتم في الدنيا من الصالحات.