سائر الملائكة ، ويرسل بعضهم بالوحي إلى الأنبياء ، كما قال تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) [فاطر ٣٥ / ١]. ورسل البشر هم دائما من الرّجال.
٤ ـ على العوام سؤال أهل الذّكر فيما لم يكونوا يعلمون به ، وأهل الذّكر : هم أهل العلم مطلقا ، سواء بأخبار الماضين ، إذ العالم بالشيء يكون ذاكرا له ، أو بالكتب السماوية السابقة ، أو بالقرآن. وبما أن أهل مكة كانوا مقرّين بأن اليهود والنّصارى أصحاب العلوم والكتب ، فأمرهم الله بأن يرجعوا في مسألة بشرية الرّسل إليهم ، ليبيّنوا لهم ضعف هذه الشّبهة وسقوطها ، فهم الذين يخبرونهم بأن جميع الأنبياء كانوا بشرا.
٥ ـ احتجّ بآية (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) من أجاز للمجتهد تقليد مجتهد آخر ، فقال : لما لم يكن أحد المجتهدين عالما ، وجب عليه الرّجوع إلى المجتهد الآخر الذي يكون عالما ، لقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فإن لم يجب فلا أقل من الجواز.
٦ ـ احتجّ نفاة القياس بهذه الآية أيضا : (فَسْئَلُوا ..) فقالوا : المكلّف إذا نزلت به واقعة ، فإن كان عالما بحكمها لم يجز له القياس ، وإن لم يكن عالما بحكمها وجب عليه سؤال من كان عالما بها ؛ لظاهر هذه الآية ، ولو كان القياس حجة لما وجب عليه سؤال العالم ، لتمكّنه من استنباط الحكم بواسطة القياس. وأجيب بأنه ثبت جواز العمل بالقياس بإجماع الصحابة ، والإجماع أقوى من هذا الدّليل.
٧ ـ أرسل الأنبياء السابقون بالبيّنات والزّبر ، أي بالدّلائل والحجج الشاهدة بصدقهم ، وبالكتب المتضمنة تشريع الإله. وأنزل الذّكر أي القرآن على النّبي صلىاللهعليهوسلم ليبيّن للناس فيه ما أنزل إليهم من الأحكام والوعد والوعيد قولا وفعلا ، فالرّسول مبيّن عن الله عزوجل مراده مما أجمله في كتابه من أحكام الصلاة والزّكاة وغيرها من أنظمة الحياة مما لم يفصّله القرآن.