وهو دائما من فوقهم بالقهر والغلبة ، ويفعلون أي الملائكة كلّ ما يؤمرون به ، فهم مثابرون على طاعته تعالى ، وامتثال أوامره ، وترك زواجره. فالمراد بالفوقية : الفوقية بالرّتبة والشّرف والقدرة والقوة.
ونظير الآية كثير مثل : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ، وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) [الرّعد ١٣ / ١٥].
والخلاصة : إن على أهل مكة الماكرين بالنّبي وبالمؤمنين أن يحذروا عقاب الله ، فإن الله قادر على تعذيبهم عاجلا أو آجلا ، ودليل قدرته وعظمته وكبريائه خضوع كلّ شيء له في السّموات والأرض ، من جماد ونبات وحيوان وإنس وجنّ وملائكة.
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآيات ما يأتي :
١ ـ جزاء المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وصبروا على الأذى ، وتوكّلوا على ربّهم هو الموطن الأفضل ، والمنزلة الحسنة ، والعيشة الرّضية ، والرّزق الطّيّب الوفير ، والنّصر على الأعداء ، والسّيادة على البلاد والعباد ، وقد اجتمع لهم بفضل الله كل ذلك ، ولأجر دار الآخرة أكبر من أن يعلمه أحد قبل أن يشاهده.
٢ ـ في الآية تنويه بفضيلة الصّبر والتّوكل ، أما الصّبر فلما فيه من قهر النّفس ، وأما التّوكل فللعزوف عن الخلق والاتّجاه إلى الحقّ ، الأول هو مبدأ السّلوك إلى الله تعالى ، والثاني هو نهاية هذا الطريق.
٣ ـ دلّت آية (وَما أَرْسَلْنا ..) على أنه تعالى ما أرسل أحدا من النّساء ، ودلّت أيضا على أنه ما أرسل ملكا إلى الناس ، ولكن الله يرسل الملائكة رسلا إلى