جمع ـ إلى ضمير مفرد ؛ لأنه يعود إلى واحد أريد به الكثرة ، وهو قوله تعالى : (ما تَرْكَبُونَ).
(سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) أي أن الظلال ساجدة لأمر الله وحده ، والسّجود : الانقياد والاستسلام ، وهم صاغرون خاضعون منقادون لله ، والدّخور : الصّغار والذّل ، لأن الظلال تتحوّل من جهة المشرق إلى جهة المغرب ، فهي في أول النهار من جهة المشرق ، ثم تتقلّص ، وتنتقل من حال إلى حال في آخر النهار ، مائلة إلى جهة المغرب ، وهذا الانتقال دليل على القدرة الإلهية.
وقوله تعالى : (داخِرُونَ) جمع بالواو ؛ لأن الدّخور من أوصاف العقلاء ، أو لأن في جملة ذلك من يعقل ، فغلب العقلاء.
ومجمل معنى الآية : أو لم ينظروا إلى ما خلق الله من الأجرام التي لها ظلال متفيّئة عن أيمانها وشمائلها ، أي عن جانبي كلّ واحد منها وشقّيه ـ استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبي الشيء ـ ترجع الظلال من جانب إلى جانب ، منقادة لله غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التّفيؤ ، والأجرام في أنفسها داخرة أيضا صاغرة منقادة لأفعال الله لا تمتنع (١).
وهذا في الجمادات ، ثم ذكر سجود الأحياء فقال : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ..) أي ولله يخضع كلّ ما في السّموات والأرض من دابة تدبّ عليها ، وكذلك الملائكة ، والحال أنهم لا يستكبرون أبدا عن عبادته وعن أي شيء كلفوا به ، أو عن مراد الله فيما أراد ، فهم في تذلل وخضوع لله تعالى.
(يَخافُونَ رَبَّهُمْ ..) يخاف هؤلاء الملائكة والدّواب الأرضية الذي خلقهم ،
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ٢٠٥