(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ..) أي ويعبد هؤلاء المشركون بالله ما لا يستطيع تقديم الأرزاق لهم من السماء والأرض ، فلا يقدر على إنزال المطر ، ولا إنبات الزرع والشجر ، بل ولا يملكون ذلك لأنفسهم ، فليس لهم الإمداد بالرزق لأنفسهم ولغيرهم ، ولا يقدرون عليه ، لو أرادوه.
وفائدة قوله : (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) نفي الملك وتحصيل الملك ، فمن لا يملك شيئا قد يكون مستطيعا أن يتملكه بطريق ما ، فأبان تعالى أن هذه الأصنام لا تملك ، وليس في استطاعتها أيضا تحصيل الملك (١). وجمع (يَسْتَطِيعُونَ) بالواو والنون المختص بأولي العلم اعتبارا لما يعتقدون فيها أنها آلهة.
ونتيجة ما ذكر : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) أي لا تجعلوا له أندادا وأشباها وأمثالا ، ولا تشبهوه بخلقه ، قال ابن عباس ـ فيما رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم في هذه الآية ـ : أي لا تجعلوا معي إلها غيري ، فإنه لا إله غيري.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أي إن الله يعلم ويشهد أنه لا إله إلا هو ، وأنتم بجهلكم تشركون به غيره. وإن الله تعالى يعلم ما عليكم من العقاب الشديد ، بسبب عبادة هذه الأصنام ، فاتركوا عبادتها ، وأنتم لا تعلمون ذلك ، ولو علمتموه لتركتم عبادتها. وهذا تهديد شديد على عظم جرمهم وكفرهم ومعاصيهم ، وردّ على عبدة الأصنام.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يلي :
١ ـ إن الله تعالى هو المتصرف في شؤون الإنسان من حياة أو موت ، فهو
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٠ / ٨٢