للعاقل أن يسوي بين الله القادر على الرزق والإفضال ، وبين الأصنام التي لا تملك ولا تقدر على شيء أصلا؟!
وهناك قول آخر : وهو أن هذا مثل للمؤمن والكافر ، فالمراد بالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء هو الكافر ، فهو باعتبار حرمانه من عبودية الله وطاعته كالعبد الذليل الفقير العاجز. والمراد بقوله (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) هو المؤمن ، فإنه مشتغل بالتعظيم لأمر الله تعالى ، والشفقة على خلق الله ، فأبان تعالى أنهما لا يستويان في المرتبة والشرف والقرب من رضوان الله تعالى.
قال الرازي : والقول الأول أقرب ؛ لأن الآية في إثبات التوحيد ، وفي الرد على المشركين.
وهذا المثل منتظم مع ما ذكر قبله من بيان نعم الله على أولئك المشركين ، وعدم توافر تلك النعم من آلهتهم.
وقد احتج الفقهاء بهذه الآية على أن العبد لا يملك شيئا.
والأصنام في المثل الثاني لا تقدر على شيء ، وأما الله فهو القادر على كل شيء ، فالأبكم الذي لا يقدر على شيء هو الوثن ، والذي يأمر بالعدل هو الله تعالى ، وهل يستوي هذا الأبكم ومن يأمر بالعدل ، وهو على الصراط المستقيم؟! والآمر بالعدل يجب أن يكون موصوفا بالنطق ، وإلا لم يكن آمرا. ويجب أن يكون قادرا ؛ لأن الأمر مشعر بعلو الرتبة ، وذلك لا يحصل إلا مع كونه قادرا. ويجب أن يكون عالما حتى يمكنه التمييز بين العدل والجور ، فدل وصفه بالعدل على وصفه بكونه قادرا عالما.
أما الرجل الأول فوصفه بأربع صفات : الأبكم (الأخرس العيي) ، ولا يقدر على شيء ، وهو إشارة إلى العجز التام والنقصان الكامل ، وكلّ على مولاه (أي