يتعلق بنفسه أو بغيره ، وهو مع هذا كلّ أي عيال وكلفة على مولاه الذي يعوله ، حيثما أرسله أو بعثه ، لا يحقق مطلبا ، ولا ينجح في مسعاه ، ولا يأتي بخير قط ؛ لأنه لا يفهم ما يقال له ، ولا مقال لديه ، فلا يفهم عنه.
والثاني ـ رجل كامل المواهب والحواس ، ينفع نفسه وغيره ، يأمر بالعدل أي بالقسط ، ويسير على منهج الحق والعدل ، ويحكم بالعدل ، فمقاله حق ، وأفعاله وسيرته مستقيمة ، وطريقه مستقيم ودينه قويم.
هل يستوي هذان الرجلان؟ الأول عديم النفع ، والثاني كامل النفع ، والأول كالصنم لا يسمع ولا ينطق. والثاني وهو المتصف بصفات الله الواحد القهار الذي يدعو عباده إلى توحيده وطاعته ، ويأمرهم بالعدل ، ويلتزم العدل في نفسه قضاء وحكما.
وإذا كان هذان الرجلان لا يتساويان بداهة ، فلا تساوي أصلا بين الحق تعالى ، وبين ما يزعمون أنه شريك له.
فقه الحياة أو الأحكام :
دل هذان المثلان على ضلالة المشركين وبطلان عبادة الأصنام ؛ لأن شأن الإله المعبود أن يكون مالكا قادرا على التصرف في الأشياء ، وعلى نفع غيره ممن يعبدونه ، وعلى الأمر بالخير والعدل ، والتزام منهج الاستقامة والقسط في سيرته وسلوكه.
والأصنام في المثل الأول فاقدة الملك ، عاجزة عن التصرف هي مثل العبيد المملوكين للسادة الموالي. أما الأحرار الملاك الأغنياء كثير والإنفاق سرا وجهرا ، فهم القادرون على التصرف. وبما أن العقل لا يجوّز التسوية بين الحر والعبد في التعظيم والإجلال ، مع تساويهما في الخلقة والصورة والبشرية ، فكيف يجوز