مختص بعلم الغيب ، فلا اطلاع لأحد على ذلك. إلا أن يطلعه تعالى على ما يشاء. وهذا إخبار عن كمال علم الله تعالى. ثم أخبر عن كمال قدرته وأنه إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون ، فقال : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) أي وما شأن الساعة (وهي الوقت الذي تقوم فيه القيامة) في سرعة المجيء إلا كطرف العين أو رجع البصر من أعلى الحدقة إلى أسفلها ، أو هو أقرب من هذا وأسرع ؛ لأن أمره فوري الحدوث والتنفيذ : (كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة ٢ / ١١٧ ومواضع أخرى] (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) [لقمان ٣١ / ٢٨]. فالله تعالى قادر على إقامة القيامة في أسرع لحظة ، ولما كان أسرع الأحوال والحوادث في عقولنا وأفكارنا هو لمح البصر ، ذكره تقريبا للأذهان.
ونظير الآية : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [٥٤ / ٥٠] أي فيكون ما يريد كطرف العين.
وخص قيام الساعة من بين المغيبات ، لكثرة الجدل حوله ، وإنكاره من كثير من الناس ، فهي محط الأنظار ، ومحل البحث والجدل بين المنكرين والموحّدين.
والمقصود من الآية : أن شرع التحليل والتحريم إنما يحسن بمن يحيط بالعواقب والمصالح ، وأنتم أيها المشركون لا تحيطون بذلك ، فلم تتحكمون؟! ثم ذكر تعالى دليل ذلك فقال : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي إن الله قادر على كل شيء ، ومن مشتملات قدرته : إقامة الساعة في أسرع من لمح البصر أو غمضة العين.
ثم ذكر بعض مظاهر قدرته تعالى ومنته على عباده ، فقال : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ..) أي والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ، فالإنسان خلق في مبدأ الفطرة خاليا عن معرفة الأشياء ، ثم زوده الله